[
الدليل المنظم لتدريس اللغة الأمازيغية
تقديـم
إن إدماج اللغة الأمازيغية في المسارات الدراسية اختيار استراتيجي يستمد مرجعيته الأساسية من خطاب العرش يوم 30 يوليو 2001، الذي أعلن فيه صاحب الجلالة عن إدراج الأمازيغية لأول مرة بالنسبة لتاريخ بلادنا في المنظومة التربوية الوطنية، ومن الخطاب الملكي السامي في أجدير بتاريخ 17 أكتوبر2001 حيث أكد جلالته، بمناسبة الإعلان عن الظهير الشريف المحدث للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، أن "..الأمازيغية، التي تمتد جذورها في أعماق تاريخ الشعب المغربي، هي ملك لكل المغاربة بدون استثناء ..."، وأنها "...مكون أساسي للثقافة الوطنية، وتراث ثقافي زاخر شاهد على حضورها في كل معالم التاريخ والحضارة المغربية..."، ومن نص الظهير الشريف المنظم للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.
1. المنطلقات
بناء على ما أقرته الوزارة من اختيارات وتوجهات أثناء المراجعة الأخيرة للمناهج التربوية، ولا سيما فيما يتعلق بترسيخ الهوية الحضارية المغربية بمختلف مكوناتها وأبعادها وروافدها؛ واعتبارا لكون اللغة الأمازيغية لغة وطنية تحمل ثقافة وحضارة عريقتين؛ وبالنظر إلى كونها لغة متداولة على نطاق واسع في الإبداع الثقافي والمعاملات اليومية في مجموع التراب الوطني؛ واعتبارا للدور الذي ينبغي أن تقوم به اللغة الأمازيغية في عملية التنمية الشاملة والمستدامة؛ فإنه بات من الضروري إدماج هذه اللغة في المنظومة التعليمية المغربية، والعمل على تطويرها وتأهيلها لاستيعاب التغيرات والتطورات التي تعرفها المجالات العلمية والتكنولوجية على المستويين الوطني والدولي، مع العمل على إدراج المضامين الثقافية الأمازيغية في المناهج التربوية للمواد الدراسية الأخرى، وفق نظرة تكاملية تراعي التفاعل بين الأمازيغية كلغة وكثقافة وتلك المواد.
1.1. الغايات والمبادئ
نظرا للدور الذي ينبغي أن يؤديه تدريس وتعلم اللغة الأمازيغية في تحقيق الغايات الكبرى لنظامنا التعليمي، وخاصة منها تلك التي تتعلق بتعميق الشعور بالمواطنة لدى الناشئة، وضمان الاندماج الثقافي والتلاحم الاجتماعي بين مختلف مكونات المجتمع وتعزيز الوحدة الوطنية وتنمية الاعتزاز بمختلف مكونات الهوية الحضارية والثقافية المغربية، فإن منهاج تدريس اللغة الأمازيغية يرتكز على الغايات والمبادئ المحددة في الإطار أسفله.
• المساهمة في تحقيق الغايات الكبرى المحددة لنظام التربية والتكوين، وخاصة منها ما يتعلق بالتربية على قيم العقيدة الإسلامية، وقيم الهوية الحضارية ومبادئها الأخلاقية والثقافية، وقيم المواطنة، وقيم حقوق الإنسان ومبادئها الكونية؛
• الانطلاق من الفلسفة التي حددتها الوزارة، والمتمثلة في اعتماد مدخل التربية على القيم وتنمية كفايات المتعلم والتربية على الاختيار، كأرضية أساسية في بناء المناهج التربوية من أجل تكوين مواطن متوازن قادر على رفع التحديات المستقبلية؛
• تقوية الوعي بالذات المغربية وبمقومات الشخصية الوطنية قصد تنمية ملكات الإبداع، انطلاقا من الذات والخروج من التبعية الفكرية وترسيخ روح المواطنة المغربية؛
• تمكين المتعلمين من الانخراط بفعالية أكبر في مختلف مجالات الحياة؛
• تمكين المتعلمين من الإلمام بالبعد الأمازيغي للثقافة والحضارة المغربيتين، مع التفتح على الثقافات والحضارات الأخرى والتعامل إيجابيا مع المستجدات العلمية والتكنولوجية؛
• تمكين الثقافة واللغة الأمازيغيتين من الاضطلاع بدورهما كاملا في التنمية المحلية والوطنية؛
• تدريس اللغة الأمازيغية باعتبارها لغة التواصل اليومي والإبداع الثقافي، مع مراعاة تحولات وحاجات المجتمع المغربي الحديث في جميع الميادين والحفاظ على الحمولة الثقافية والحضارية للغة الأمازيغية؛
• تعميم تدريس اللغة الأمازيغية لجميع المتمدرسين في مجموع التراب الوطني وفي مختلف الأسلاك التعليمية.
1.2. الاختيارات والتوجهات المؤطرة لمنهاج اللغة الأمازيغية
انسجاما مع الاختيارات والتوجهات العامة المؤطرة لإدماج الأمازيغية في المسارات الدراسية ومع المبادئ والغايات المحددة أعلاه، يرمي منهاج اللغة الأمازيغية، في مختلف الأسلاك التعليمية، إلى تحقيق الأهداف العامة التالية:
• تمكين المتعلمين من إتقان اللغة الأمازيغية نطقا وقراءة وكتابة؛
• الانطلاق في وضع منهاج اللغة الأمازيغية من الفروع الأساسية للغة الأمازيغية مع العمل بالتدرج على بناء لغة معيارية موحدة من خلال التركيز على البنيات اللغوية المشتركة بين هذه الفروع وإعطائها الأولوية في وضع الكتب المدرسية والدلائل والملفات البيداغوجية والدعامات الديداكتيكية الأخرى المكتوبة والسمعية والبصرية؛
• إغناء وتطوير الرصيد اللغوي الأمازيغي باعتماد الإبداع المعجمي، وتوظيف المعجم الأمازيغي المتداول في الدارجة المغربية، والانفتاح على الفروع الأمازيغية الأخرى المتداولة في مناطق أمازيغية خارج الوطن لإغناء المعجم الأمازيغي الوطني المشترك؛
• إخضاع عملية تعلم اللغة الأمازيغية لنظام التقويم المعتمد في باقي المواد.
واعتمادا على الاختيار التربوي الذي يحكم باقي المناهج التعليمية، الذي يتبنى تنمية كفايات المتعلم كمرتكز أساسي، فإن تدريس اللغة الأمازيغية يستهدف بالأساس تنمية الكفايات التواصلية عند المتعلم (كفايات الإنصات، وكفايات التكلم، وكفايات القراءة، وكفايات الكتابة)، كما يستهدف تنمية الكفايات الاستراتيجية (أو كفايات تنمية الذات) والكفايات الثقافية (الرمزية منها والموسوعية) والكفايات المنهجية والكفايات التكنولوجية، وفق ما يسمح به سن المتعلم ودرجة نموه.
في إطار مواصلة تطبيق مخطط إدماج اللغة الأمازيغية في المسارات الدراسية، قامت مديرية التقويم وتنظيم الحياة المدرسية والتكوينات المشتركة بين الأكاديميات، بتنيسق مع الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والنيابات الإقليمية للوزارة، بإعداد خريطة تربوية لشبكة المدارس الابتدائية الجديدة التي سيشملها تدريس اللغة الأمازيغية خلال هذا الموسم الدراسي، من جهة، وبتشخيص واقع تدريس اللغة الأمازيغية في مختلف الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين عبر استشارة موسعة تمثلت في تنظيم ورشات عمل بكل من مراكش وأكادير وورزازات ومكناس والناظور وفي ندوة وطنية يومي 5 و6 مايو 2006 أشرفت عليها الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة سوس ماسة درعة وشاركت فيها جميع الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين قدمت خلالها حصيلة السنوات الثلاث الأولى من تدريس الأمازيغية في التعليم الابتدائي، من جهة أخرى.
وقد كان لمكونات الدرس اللغوي للأمازيعية، ولتدبير الحصص الزمنية المخصصة للأمازيغية في مختلف مستويات التعليم الابتدائي، وللاختلالات التي تعرفها أحيانا الممارسة اليومية لتدريس الأمازيغية في المؤسسات التعليمية، ولدورات تكوين الأساتذة النصيب الأكبر في المناقشات التي دارت في ورشات العمل والندوة الوطنية وفي الاقتراحات التي أفرزتها، الشيء الذي عملت الوزارة في تجسيده في القرارت المشار إليها في المذكرة 130 الصادرة في 12 سبتمبر 2006