الكوابيس الليلية
Nightmares
يمكن النظر إلى أن الكوابيس في الغالب تُشِّكل ظاهره طبيعية ، وتحدث في أي سن من الطفولة إلي الشيخوخة ، والنسب المئوية التالية تشير إلى صدق ما سبق . إذ يشكو حوالي 10% من الناس من أنهم يعانون من كوابيس متكررة خلال السنوات العشر الماضية , ويذكر ربع هؤلاء أن كوابيسهم قد بدأت في سن الطفولة. ويعاني من الكوابيس 50 % علي الأقل من الأطفال ممن تتراوح أعمارهم بين ثلاث إلى خمس سنوات، ويتقلص تكرار الكوابيس كلما كبر الأطفال ، ويعاني بعض المسنين القليل من الكوابيس ، أما بالنسبة للكوابيس المفزعة فإنها تظهر لدي 1 % فقط من الأشخاص. ويبدأ هذا الاضطراب في أكثر من نصف الحالات قبل سن العاشرة من العمر , وفي بعض الحالات الأخرى يظهر قبل سن العشرين , ويصيب النساء أكثر من الرجال . ويعاني معظم الناس من عدة كوابيس في العام الواحد .
وفي مرحلة الطفولة يمكن اعتبار أن الكوابيس هي الأحلام المخيفة والمزعجة ، وفيها يستيقظ الطفل خائفا مذعوراً من نومه وهو يشعر بأنه علي وشك الاختناق مما يؤدي إلي اليقظة وانقطاع استمرارية النوم عندما يبلغ الخوف قمته ، وغالباً ما تكون تلك الكوابيس بصرية ، وفي بعض الأحيان تكون سمعية ، وتظهر في النوم المصحوب بالحركات السرعة للعينين , ويستطيع الشخص طفلاً كان أم راشداً عادة أن يتذكر الحلم والكوابيس , مهما كانت مرعبة ، كما أن الكوابيس قد تصحب التحدث أثناء النوم ، وحركات الجسم ، وتحدث في الغالب في منتصف النوم ليلاً ، وحتى آخره . وغالباً ما يتم تذكره بشكل واضح , وعلي النقيض من ذلك , فإن أولئك الذين يعانون من " فزع النوم " غالباً ما يكونون غير واعين في اليوم التالي بما حدث لهم .
ومن الأمور الغريبة أن الكوابيس يمكن أن تحدث نهاراً ولكن بشكل نادر جداً , وعادة يستيقظ الطفل وهو علي درجة من الوعي تجعله يدرك من حوله ويعرف أمه ويتجاوب معها وهي تهدئ من روعه , ويتذكر الحلم المزعج ويروي ما شهده , أو شعر به في المنام , وسرعان ما يهدأ ويذهب عنه الخوف ويطمئن ويعاود النوم مرة ثانية .
ويزداد حدوث الكوابيس عند المرضي الذين يمكثون لفترات طويلة بالمستشفيات , حيث تصل نسبة حدوثها إلي خمسين بالمائة من المرضي المصابين بأمراض مزمنة .
وأشارت بعض الدراسات إلي أن حدوث هذا الاضطراب مرتبط بوجود صفات شخصية تتمثل في ضعف الثقة في النفس والاغتراب وزيادة الحساسية أو أنماط من الشخصية شبه الفصامية أو الشخصية الحدية .
وقد يزداد حدوث الكوابيس في فترات التعرض للضغوط النفسية ، إذ لوحظ أن هناك ظروفاً ضاغطة تسبق بدء الاضطراب في حوالي ستين بالمائة من الحالات يتفاوت فيها معدل النوبات للشخص الواحد , كما تتكرر أحياناً الكوابيس الليلية المفزعة ثلاث مرات أسبوعياً , وكثيراً ما يختفي هذا الاضطراب تلقائياً لدي الأطفال , أما البالغون فإنه يبقي لديهم لعشرات السنين , ولا يترتب على الإصابة بهذا الاضطراب إعاقة شديدة أثناء ساعات اليقظة .
وقد حذر الباحثون في مركز اضطرابات النوم بجامعة ستانفورد الأميركية من أن تناول الشيكولاتة أثناء الليل يزيد بعض الاضطرابات المرضية المرتبطة بالنوم سوءاً ويسبب الكوابيس . وفسروا ذلك بأن الكافيين الموجود في الشيكولاتة يعيق العملية الطبيعية التي تعرف باسم "الاسترخاء" التي تمنع الإنسان من الحركة أثناء نومه وخلال أحلامه, وبالتالي يصبح النائم أكثر حرية ليتحرك كيفما يشاء. ولكن في الوقت نفسه حذروا من أن تناول الشيكولاتة والكاكاو لا يرتبط بأنماط النوم العنيفة والكوابيس عند عامة الناس وعند الأشخاص العاديين, ولكنه يؤثر فقط في المصابين باضطرابات النوم.
يجب على أفراد أي أسرة أن يدركوا أن الكوابيس تحصل بشكل طبيعي عند كل الأطفال ، ولا يعني حدوثها أن هناك مشكلة عاطفية أو نفسية عند الطفل. أما إذا تكررت هذه الأحلام المزعجة بشكل يومي أو أكثر من ثلاث مرات في الأسبوع لفترة تجاوز الشهر، فعلى الوالدين أن يبحثوا عن السبب علهم يجدون هناك ضغطاً شديداً على حياة الطفل اليومية، أو تغييراً مفاجئاً في حياته قد يتطلب طاقة كبيرة للتكيف والطفل غير قادر على ذلك. كما نذكر أخيراً بأن الإرهاق الجسدي عند الطفل خلال النهار قد يؤدي إلى مثل هذه الكوابيس ليلاً.
وهذه بعض النصائح العامة التي يتعين على الأم مراعاتها في حالة ما إذا داهم طفلها كابوساً ليلياً :
لا تحاولي أن تطلبي من الطفل أن يقص عليك الحلم الذي أزعجه . فإذا أراد أن يخبرك به، فسيفعل ذلك من تلقاء نفسه .
لا تصري علي أن يشعر الطفل بوجودك إلي جانبه ، لكن أبقي في مكانك هادئة لبعض الوقت خوفاً من أن تكون تلك الكوابيس من الحالات النادرة التي قد تكرر.
إذا حاول الطفل النزول من سريره...حاولي أن تقنعيه بالعدول عن ذلك إنما برفق . وإذا حاول مقاومتك ، أو بدا عليه التصرف الهستيري ، حاولي أيضاً التصرف برفق . ويمكنك في هذه الحالة إشعال ضوء الغرفة ، وتغيير مساند سريره ، وما إلي ذلك من التصرفات التي تشعره بالاطمئنان .
بالنسبة للأطفال يفضل عدم مشاهدتهم لأفلام العنف والدم والجريمة أو قراءة القصص المخيفة أو سماع الحكايات التي تثير الخوف لديهم وذلك في فترة ما قبل النوم .
لا يفضل عقاب أو ضرب الطفل قبل النوم مباشرة بل الانتظار حتى صباح اليوم التالي.
يوصي الباحثون المتخصصون أيضاً بمحاولة حل مشكلات الطفل سواء في المنزل أو في المدرسة أو حتى في الشارع .
وإذا لم تتحسن حالة الطفل وتكررت الكوابيس يفضل عرض الطفل علي الطبيب النفسي للعلاج .
ومع البالغين يمكن للمعالج أن يتعامل مع الأشخاص الذين يعانون من الكوابيس الليلية بتغيير نهاية الكوابيس , كأن يتم تدريب المريض علي طريقة يتفوق بها علي مهاجمه ويخرج ظافراً , في حالات أخرى تكون الكوابيس من بقايا الماضي الذي يتابعه المريض "بحكم العادة" بالرغم من أن الموضوعات التي تدور الكوابيس حولها لم تعد موجودة . في هذه الحالات يمكن أن يساعد التنويم المغناطيسي في الحد منها .